. في المصعد!!
يدخل أشخاص إلى المصعد.. وأشخاص يغادرون.. لكل منهم هدفه.. ووجهته.. وغايته.. يقف المصعد أكثر من مرة.. البعض يخرج.. والبعض يبقى.. فلكل منهم وجهة مختلفة.. البعض يصعد.. والبعض ينزل.. ويستمر الصعود والنزول بلا توقف.. من صعد.. يعود وينزل.. وقد يصعد مرة أخرى.. ومن ينزل.. كان قد صعد في السابق.. وحان وقت الخروج.. منهم من يدخل المصعد مرة واحدة.. ومنهم من يدخله مرات ومرات.. يجتمع الكثير في المصعد.. ناس من مختلف الأعمار والثقافات والجنسيات.. يختلفون ماديا واجتماعيا وأكاديميا.. ومع ذلك فهم يجتمعون في مكان واحد لا تفصل بينهم الا سنتمترات قليلة.. أحاسيسهم مختلفة.. مشاعر مختلفة تلتقي في مكان واحد.. فرح.. وحزن.. قلق.. وهدوء.. حقد.. وامتنان.. في داخل كل واحد منهم أفكار مختلفة.. هذا شيخ كبير.. أهلكه المرض وأعياه التعب.. يحدّث نفسه: هل ستكون هذه هي المرة الأخيرة التي أزور فيها طبيب القلب.. هل تصعد الروح قريبا الى بارئها وتسكن هناك.. وتنتهي زيارات الطبيب التي مللتها وملت مني.. وهذا عامل الكافتيريا.. يحمل بيديه صينية فارغة.. بعد أن كان عليها ثلاثة فناجين قهوة.. قام بتوزيعها على الطبيب في الطابق الثاني.. وعلى المحامي في الطابق الرابع.. والفنجان الثالث وقع على الأرض وتكسر قبل أن يدخل على صاحب المكتب العقاري.. هو قلق الآن.. يفكر ماذا سيكون رد فعل صاحب الكافتيريا بعد أن يعرف.. هل سيخصم من راتبه الذي ما عاد يكفي لشيء مع هذا الغلاء.. وهذا طالب تغمره السعادة وتكاد الدنيا لا تسعه من الفرح بعد أن خرج من مكتب القبول للجامعات الباكستانية.. فقد قبلته أخيرا إحدى الجامعات.. ومعدله الآن الذي لم يتجاوز واحد وخمسين بالمائة وبعض الأعشار لم يعد يعتبر مشكلة أو عائقاً في حياته.. وهذا طفل يصرخ باكيا.. كان يريد لعبة من ذلك المحل أمام المجمع التجاري.. وأمه تبدو على وجهها علامات الغضب وهي تقول: ماذا كان يحدث لو جاء معك والدك بدلا مني.. الى متى يتهرب من مسؤولياته.. ألست ابنه أيضا.. لماذا لا يأخذك الى عيادة الأسنان بدلا مني.. وهذه سيدة تنظر إلى من معها في المصعد بتعالي وتعد الثواني حتى تخرج من المصعد.. هي الآن مشوشة التفكير لأن خادمتها الفلبينية لم تصل بعد، ومدير مكتب الخادمات أخبرها باحتمال تأخر وصول الخادمة بسبب بعض المشاكل في التأشيرات.. فماذا ستفعل الآن.. كيف ستقوم بأعمال المنزل لوحدها.. من سيقوم بالطهي وكي الملابس والتنظيف؟!! أفكار ومشاعر يزدحم بها المصعد.. ولو توقف المصعد فجأة.. سيشعر الجميع بالخوف معا.. ستتحد أحاسيسهم في إحساس واحد.. وتتبدد كل أفكارهم.. ويفكرون جميعا بماذا سيحدث لهم بعد الآن.. تتحد أهدافهم.. كلهم يريدون الخروج من المصعد بسلام.. وقد ينسون كل الاختلافات بينهم.. ويتعاونون معا لإيجاد طريقة للخروج.. واذا خرجوا.. يعود كل منهم الى عالمه وأهدافه.. يمر الكثيرون على المصعد.. يتغيرون.. ويبقى المصعد كما هو.. تتعدد أهداف زواره.. أما هو.. فهدفه واحد.. وطريقه واحد.. ........... ما أشبه حياتنا بالمصعد..!! 1-7-2009
|
||