.

 

 

موضوع للمناقشة

طرحت الصديقة ايمان نيروخ في أحد رسائلها موضوع (التدين) للمناقشة.. وطلبت أن نشاركها الآراء والردود...فكان هذا ردي على رسالتها..كما ستجدون نص الرسالة ورأي الصديقة في الموضوع أسفل الصفحة...وما زال باب المناقشة مفتوحا وبانتظار ردودكم..

 

السلام عليكم ...

في البداية أشكر الصديقة إيمان على طرح هذا الموضوع.....

بعد أن قرأت هذا الموضوع...كان أول ما فكرت به أن اتجه إلى المعاجم العربية لمعرفة معنى كلمة التدين....كالقاموس المحيط و مختار الصحاح.....ووجدت هذا المعنى في مختار الصحاح :

دان ( بكذا ) ديانة فهو ديّن و تديّن به فهو متديّن....و هذا يدل على أن كل من كانت له ديانة فهو متدين...و بالتالي فان استعمال كلمة متدين للدلالة على مقياس الدين لدى شخص ما هو غير صحيح.....والأفضل عدم استخدام هذه الكلمة لوصف أي شخص.

فكلمة  "التدين" تتسم بقدر بالغ من العمومية وتفتقر إلى نصيب كبير من الدقة حين يستخدمها المتحدث العربي..في حين لم يتطرق القاموس المحيط إلى هذه الكلمة و تفصيل معناها...و اكتفى بالتحدث عن الدَيّن بمعنى الاقتراض....و هذا قد يدل على أن هذه الكلمة مستحدثة و لم تستخدم سابقا....و ربما كان استخدامنا لهذه الكلمة حاليا هو بسبب الواقع الذي نعيشه.....فالأصل في المجتمع الإسلامي أن يلتزم الجميع بمنهج و نظام حياة وفقا لمبادئ الإسلام....و لكن نظرا لما تتعرض له الأمة الإسلامية من انحراف عن العقيدة.....فصار الالتزام بمنهج الحياة و مبادئ العقيدة الإسلامية أمرا يجعل المرء يوصف بوصف خاص بأنه (متدين) ...و هذا يوحي أن هذا الشخص هو حالة خاصة في المجتمع...و أن الأمر البديهي أن يكون الشخص غير ذلك....فالأصل أن يكون كل من ينتمي إلى المجتمع الإسلامي متمسكا بكل مبادئ الإسلام....و لكن و للأسف أصبح هذا من الحالات النادرة في مجتمعاتنا.....

و أنا اتفق مع الصديقة إيمان بالنسبة للتركيز على القلب و العقل.....فالعبادات و الأخلاق هي أعمال نقوم بها و نكررها كثيرا في حياتنا...و لكن إذا لم نتفكر في كل ما نقوم به و إذا لم نستشعر قرب الله و الرغبة في رضاه...باتت هذه العبادات كالعادت التي نؤديها دون فهم معناها أو الشعور بعظمتها و أهميتها.... و لذلك نجد هذه الأيام أن الداعية الأستاذ عمرو خالد نجح في اقناع الكثيرين بالرجوع الى الدين الاسلامي...في حين عجز عن ذلك الكثير من الشيوخ الذين كانوا يتبعون أسلوب الترهيب قبل الترغيب....أما عمرو خالد فهو يحاكي القلوب و العقول قبل أن يملي على الأشخاص العبادات و العقوبات.... لأن العقول اذا أدركت عظمة الله...و اذا امتلأت القلوب بحب الله فان الجوارح سوف تتجه الى العبادات و الأخلاق الحميدة.

أعتذر عن الاطالة.....و أختم بهذا الدعاء (اللهم اني أسألك ايمانا يباشر قلبي...حتى أعلم أنه لا يصيبني الا ما كتبت لي، و رضني من العيش بما قسمت لي)

و الحمد لله رب العالمين..

رنده النتشه

5-4-2004

------------------------------------------

 

 

السلام عليكم و رحمة الله ...

سألتني إحدى صديقاتي إن كنت قد إزدادت تدينا في الفترة الاخيرة .. ولفت نظري سؤالها كثيرا .. فكيف أقيس تديني لأعرف إن إزداد او نقص؟! ... فكان ردي في المقال التالي والذي أتمنى أن تشاركوني بأرائكم و ردودكم حوله ... فقد تبقى أقوالكم و خواطركم على مر الزمان ليتناقلها الناس كما نتناقل حكم لقمان و هيلن كوري :)

ايمان نيروخ

التدين....

"إن أكرمكم عند الله أتقاكم"

كانت قاعدة من رسول الرحمة إلينا .. أن أكرمنا عند الله من إزداد تقوى .. و لما لم نعد ندرك معنى التقوى لأننا أبعد ما نكون عنها ... أصبحت قاعدتنا تقول أن أكرمنا عند الله أكثرنا تدينا ... و أصبحنا نطلق صفة التدين على من يقيم الصلاة و يطيل لحيته من الشباب و على من ترتدي الحجاب من الفتيات!

و لما كان بعضهم على قدر قليل من الاخلاق .. كرههم الناس و كرهوا التدين!

فما هو التدين الحق؟!

و إن كنا نقول أن أحدنا أكثر تدينا من أخر فكيف نقيس التدين؟!

قد يقول البعض أن التدين كثرة العبادات .. من أداء الفرائض و قيام الليل و ذكر الله سبحانه و تعالى... ولكني رأيت أن بعضنا قد يؤدي هذه الاعمال لأنها عادات إكتسبها من أهله أو مجتمعه.. يؤديها كما يؤدي القوانين التي نصت عليها الدولة التي يقيم بها!!

و قد يقول أخر أن التدين هو الأخلاق الحميدة .. فمن كان على خلق محبا لعمل الخير فيحسن الى الاخرين و لا يؤذي أحدا كان على درجة من التدين.. و لكني أيضا رأيت أن فينا من النفوس الطيبة التي تحب الخير دون أن تربطه بالدين و قد تكون غير مؤدية للفرائض.

و هنا لفت نظري أمرا ... أن العبادات و الاخلاق .. أعمال تقوم بها الجوارح و لا يمكن أن يقاس التدين بما نقوم به جوارحنا ... إذن فمن فقد يدا او نطقا .. أيعقل أن يعتبر أقل تدينا من الاخرين؟!

إذن فمصدر التدين جزء مهم في جسم الانسان .. و ليس هناك ما هو أهم من القلب... أم تراه العقل؟! فلا حياة تنبض بلا قلب و لا حرج على من فقد عقله.

فاخترت القلب ... لابد و أنه مصدر التدين! فبه نستشعر حب الله و الرغبة في رضاه و الايمان بقضاءه و قدره و الاطمئنان الى عدله و رحمته . و كلما زاد هذا الشعور ... زادت درجة التدين ... و لكن كيف يرقى الانسان الى هذا الشعور؟! لا يمكن أن يكون الا بإدراك عظمة الله وقوته ورحمته وعدله ولطفه وعقابه .. و هذه مهمة العقل ... إذن فالعقل والقلب يكمل بعضهما بعضا .

"أفلا يتفكرون" .... فلو تأملنا الكون و أنفسنا و حياتنا ... لوجدنا كل شيء بقدر .. وكل شيء لحكمة .. لو نظرنا الى أنفسنا ... كم من مرة أردنا شيئا و أراد الله غيره فكان الخير فيما أراد الله سبحانه و تعالى ... و كم من إبتلاء ابتلانا به فصبرنا فكانت رحمته بنا عظيمة . و كم من خطأ إقترفناه . فعاقبنا عليه ... يعلمنا و يلهمنا الصواب!!

فإذا ما أدركنا عظمة الله و رحمته و أقرت عقولنا أن الخير كل الخير في رضاه عنا ... إستشعرت قلوبنا قرب الله و امتلئت حبا و رغبة في رضاه... فتحركت الجوارح الى العبادات و عمل الخير و الارتقاء بالاخلاق ...

هذا هو التدين الحق!

و ما هذه النتيجة الا حديث من أحاديث رسولنا الكريم الا وهو: "إنما الاعمال بالنيات".

فمن المهم أن نعبد الله و أن نكون على خلق و لكن بنية إرضاء الله و بإستشعار قربه.

و ختاما ... فالعقل مفتاح التدين ... و هنا أسألكم: "من منكم عرف الله بنفسه؟!" ... كلنا نولد مسلمين و كلنا ندرس أمور ديننا من عبادات و أخلاق و تاريخ حافل بإنتصارات المسلمين و لكم من منا من يتفكر عملا بقول الله تعالى "أفلا يتفكرون"! و كيف نتفكر في هذه الحياة المليئة بالمسؤوليات و الملاهي!!

لحظة من وقتك ... تأمل نفسك و حياتك .. إستخدم عقلك الذي وهبك الله إياه ... كم من رسالة بعثها الله اليك و كنت غافلا عنها ... كم كم لحظة كان الله معك فيها و لم تحمده عليها!!

يا أولوا الالباب ... تفكروا فإنا سنحاسب على عقولنا التي وهبنا الله إياها!

إيمان نيروخ

4-4-2004