كيف نصنع من الطفل رجلاً؟ كيف ننمي عوامل الرجولة في شخصيات أطفالنا ؟ أولا: الـتـكـنـيـة أكنيه حين أناديه لأكرمه ولا أناديه بالسوءة اللقب مناداة الصغير بأبي فلان أو الصغيرة بأم فلان ينمي الإحساس بالمسئولية، ويشعر الطفل بأنه أكبر من سنه فيزداد نضجه، ويرتقي بشعوره عن مستوى الطفولة المعتاد، ويحس بمشابهته للكبار .وقد كان النبي صل الله عليه وسلم يكني الصّغار؛عن أنس بن مالك: [ إن كان النبي ليخالطنا ، حتى يقول لأخ لي صغير : يا أبا عمير ! ما فعل النغير ] النغير : طائر صغير كان يلعب به . وعن أم خالد بنت خالد قالت : [ أتي النبي صل الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة ، فقال : ( من ترون أن نكسو هذه ) . فسكت القوم ، فقال : ( ائتوني بأم خالد ) فأتي بها تحمل ، فأخذ الخميصة بيده فألبسها ، وقال : ( أبلي وأخلقي ) . وكان فيها علم أخضر أو أصفر ، فقال : ( يا أم خالد ، هذا سناه ) . وسناه بالحبشية حسن ] فأتي بها تحمل : وفيه إشارة إلى صغر سنها
ثانيا: أخذه للمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار وهذا مما يلقح فهمه ويزيد في عقله، ويحمله على محاكاة الكبار، ويرفعه عن الاستغراق في اللهو واللعب، وكذا كان الصحابة يصحبون أولادهم إلى مجلس النبي صل الله عليه وسلم ومن القصص في ذلك: ما جاء عن قرة بن إياس المزني قال : [ كان نبي الله صل الله عليه وسلم إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه ، وفيهم رجل له ابن صغير ، يأتيه من خلف ظهره ، فيقعده بين يديه ، فهلك ، فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه ، فحزن عليه ، ففقده النبي صل الله عليه وسلم ، فقال : ما لي لا أرى فلانا . قالوا : يا رسول الله ، بنيه الذي رأيته هلك ، فلقيه النبي ، فسأله عن بنيه ، فأخبره أنه هلك ، فعزاه عليه ثم قال : يا فلان ! أيما كان أحب إليك ، أن تمتع به عمرك ، أو لا تأتي غدا إلى باب من أبواب الجنة ، إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك . قال : يا نبي الله ! بل يسبقني إلى باب الجنة ، فيفتحها لي ، لهو أحب إلي قال : فذاك لك ]
ثالثا: تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين والمعارك الإسلامية وانتصارات المسلمين لتعظم الشجاعة في نفوسهم، وهي من أهم صفات الرجولة . وكان للزبير بن العوام رضي الله عنه طفلان أشهد أحدهما بعض المعارك، وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة في كتف أبيهكما جاءت الرواية عن عروة بن الزبير [ أن أصحاب النبي صل الله عليه وسلم قالوا للزبير يوم اليرموك : ألا تشد فنشد معك ، فحمل عليهم ، فضربوه ضربتين على عاتقه ، بينهما ضربة ضربها يوم بدر ، قال عروة : فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير ]
رابعا: إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالس عن سهل بن سعد الساعدي قال: [ أتي النبي صل الله عليه وسلم بقدح فشرب منه ، وعن يمينه غلام أصغر القوم ، والأشياخ عن يساره ، فقال : ( يا غلام ، أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ ) . قال : ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدا يا رسول الله ، فأعطاه إياه ]
خامسا: تعليمهم الرياضات الرجولية كالرماية والسباحة وركوب الخيل [ كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بن الجراح أن : علموا غلمانكم العوم ]
سادسا: تجنيبه أسباب الميوعة والتخنث فيمنعه وليه من رقص كرقص النساء، وتمايل كتمايلهن ومشطة كمشطتهن، ويمنعه من لبس الحرير والذهب . [ أن النبي صل الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب فجعله في يمينه وجعل فصه مما يلي باطن كفه فاتخذ الناس خواتيم الذهب قال : فصعد رسول الله صل الله عليه وسلم المنبر فألقاه ونهى عن التختم بالذهب ]
سابعا: إشعاره بأهميته وتجنب إهانته خاصة أمام الآخرينويكون بأمور مثل : (1) إلقاء السلام عليه [ أن رسول الله صل الله عليه وسلم مر على غلمان فسلم عليهم ] (2) استشارته وأخذ رأيه . (3) توليته مسئوليات تناسب سنه وقدراته . (4) استكتامه الأسرار . عن أنس قال : [ أتى علي رسول الله صل الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان . قال فسلم علينا . فبعثني إلى حاجة . فأبطأت على أمي . فلما جئت قالت : ما حبسك ؟ قلت : بعثني رسول الله صل الله عليه وسلم لحاجة . قالت : ما حاجته ؟ قلت : إنها سر . قالت : لا تحدثن بسر رسول الله صل الله عليه وسلم أحدا . قال أنس : والله ! لو حدثت به أحدا لحدثتك ، يا ثابت ! ]
وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة لدى الأطفال منها : (1) تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل في ذلك تدريبه على الخطابة. (2) الاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة في الأزياء وقصات الشعر والحركات والمشي، وتجنيبه لبس الحرير الذي هو من طبائع النساء. (3) إبعاده عن الترف وحياة الدعة والكسل والراحة والبطالة ، وقد قال عمر: اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم . (4) تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى؛ فإنها منافية للرجولة ومناقضة لصفة الجد .
|
||
|