.
|
. صور من حياة الصحابة |
||
سعيد بن عامر أسلم سعيد بن عامر قبل فتح خيبر ، ومنذ أسلم وبايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أعطاهما كل حياته ، شهد مع الرسول الكريم جميع المشاهد والغزوات كان أشعث أغبر من فقراء المسلمين ، كما كان من أكبر أتقيائهم . ولاية الشام عندما عزل عمر بن الخطاب معاوية عن ولاية الشام ، تلفت حواليه يبحث عن بديل يوليه مكانه ، يكون زاهد عابد قانت أواب ، وصاح عمر :( قد وجدته ، إلي بسعيد بن عامر ) وعندما جاء وعرض عليه ولاية حمص اعتذر سعيد وقال :( لا تَفْتِنّي يا أمير المؤمنين) فيصيح عمر به : والله لا أدعك ، أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي ثم تتركونني ؟!.. واقتنع سعيد بكلمات عمر ، وخرج الى حمص ومعه زوجه . الزوجة الجميلة خرج سعيد -رضي الله عنه- ومعه زوجته العروس الفائقة الجمال الى حمص ، ولما استقرا أرادت زوجته أن تستثمر المال الذي زوده به عمر ، فأشارت عليه بشراء ما تحتاج إليه من ثياب ومتاع ثم يدخر الباقي ، فقال لها سعيد :( ألا أدلك على خير من هذا ؟ نحن في بلاد تجارتها رابحة ، وسوقها رائجة ،فلنعط هذا المال من يتجر لنا فيه وينميه ) قالت :( فإن خسرت تجارته ؟) قال :( سأجعل ضمانها عليه) ..قالت : فنعم إذن .. وخرج سعيد فاشترى بعض ضرورات عيشه المتقشف ، ثم فرق جميع المال على الفقراء والمحتاجين ومرت الأيام وكلما سألته زوجته عن تجارتهما يجيبها : إنها تجارة موفقة ، وإن الأرباح تنمو وتزيد .. وعندما شكت وارتابت بالأمر ألحت عليه لتعرف ، فأخبرها الحقيقة ، فبكت وأسفت على المال ، ونظر إليها سعيد وقد زادت جمالا ثم قال :( لقد كان لي أصحاب سبقوني الى الله ، وما أحب أن انحرف عن طريقهم ولو كانت لي الدنيا بما فيها .. وقال لها :( تعلمين أن في الجنة من الحور العين والخيرات الحسان ، ما لو أطلت واحدة منهن على الأرض لأضاءتها جميعا ، ولقهر نورها نور الشمس والقمر معا ، فلأن أضحي بك من أجلهن ، أحرى وأولى من أن أضحي بهن من أجلك .. وأنهى الحديث هادئا مبتسما وسكنت زوجته وأدركت أنه لا شيء أفضل من السير مع سعيد في طريقه التقي الزاهد . شكوى أهل حمص
عندا زار عمر -رضي الله عنه- حمص تحدث مع أهلها فسمع شكواهم ، فقد
قالوا :( نشكو منه أربعا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار ، ولا يجيب
أحد بليل ، وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه ، وأخرى
لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين
..
فقال عمر همسا :( اللهم إني أعرفه من خير عبادك ، اللهم لا تخيب فيه
فراستي)
ودعا سعيد للدفاع عن نفسه فقال سعيد :( أما قولهم :إني لا أخرج إليهم
حتى يتعالى النهار ، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب ، إنه ليس لأهلي
خادم ، فأنا أعجن عجيني ، ثم أدعه حتى يختمر ، ثم أخبز خبزي ، ثم أتوضأ
للضحى ، ثم أخرج إليهم)
وتهلل وجه عمر وقال
:(
الحمدلله ، والثانية ؟!)
قال
سعيد :( وأما قولهم : لاأجيب أحدا بليل ، فوالله لقد كنت أكره ذكر
السبب ، إني جعلت النهار لهم ، والليل لربي
زهده لقد كان سعيد بن عامر صاحب عطاء وراتب كبير بحكم عمله ووظيفته ، ولكنه كان يأخذ ما يكفيه وزوجه ويوزع الباقي على البيوت الفقيرة ، وقد قيل له :( توسع بهذا الفائض على أهلك وأصهارك فأجاب :( ولماذا أهلي وأصهاري ؟ لا والله ما أنا ببائع رضا الله بقرابة .. كما كان يجيب سائله :( ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول ، بعد أن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :( يجمع الله عز وجل الناس للحساب فيجيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمام فيقال لهم : قفوا للحساب فيقولون : ماكان لنا شيء نحاسب عليه فيقول الله : صدق عبادي فيدخلون الجنة قبل الناس . وفاته وفي العام العشرين من الهجرة ، لقي سعيد -رضي الله عنه- ربه نقيا طاهرا .
|