.
|
. صور من حياة الصحابة |
||
عثمان بن مظعون عثمان بن مظعون من أوائل المسلمين وأغلب الظن الرابع عشر ترتيبا وناله ما ينال المسلمين من أذى المشركين وصبر ، وكان أمير المهاجرين الأوائل الى الحبشة مصطحبا ابنه السائب معه ، وكان أول المهاجرين وفاة بالمدينة ، وأولهم دفنا بالبقيع . جوار الله
بلغ أصحاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذين خرجوا الى الحبشة أن أهل
مكة قد أسلموا ، فغادروا الحبشة عائدين ، ولكن حين دنو من مكة علموا
بأن هذا النبأ خاطيء ، فلم يدخل أحد منهم الى مكة إلا بجوار أو مستخفيا
وكانوا ثلاثة وثلاثون منهم عثمان بن مظعون الذي دخل بجوار من الوليد بن
المغيرة.
الراهب الجليل وهاجر عثمان بن مظعـون الى المدينة مع الرسـول -صلى الله عليه وسلم- والمسلميـن ، وظهرت حقيقته الطاهرة ، فهو راهـب الليل والنهار وفارسهمـا معا ، تفرغ للعبادة وانقطع عن مناعم الحياة فلا يلبس إلا الخشـن ولا يأكل إلا الطعام الجشِب ، فقد دخل يوما المسجد ، وكان يرتدي لباسا تمزق ، فرقعه بقطعة من فروة ، فرق له قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- ودمعت عيون الصحابة فقال لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( كيف أنتم يوم يغدو أحدكم في حُلّة ، ويروح في أخرى ، وتوضع بين يديه قصعة وترفع أخرى ، وسَتَرتم بيوتكم كما تستر الكعبة ؟) قال الأصحاب :( وَدِدْنا أن ذلك يكون يا رسول الله ، فنُصيب الرخاء والعيش ) فأجابهم الرسول الكريم :( إن ذلك لكائن ، وأنتم اليوم خير منكم يومئـذ ) وحين سمع ابـن مظعـون ذلك زاد هربا من النعيم ، بل حتى الرفث الى زوجته نأى عنه وانتهى لولا أن علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك فناداه وقال له :( إن لأهلك عليك حقا ) . وفاته وحين كانت روحه تتأهب للقاء ربها وليكون صاحبها أول المهاجرين وفاة بالمدينة ، كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى جانبه يقبل جبينه ويعطره بدموعه وودعه الرسول -صلى الله عليه وسلم- قائلا :( رحمك الله أبا السائب ، خرجت من الدنيا وما أصبت منها ولا أصابت منك ) ولم ينسه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك أبدا حتى حين ودع ابنته رقية حين فاضت روحها قال لها :( الحقي بسلفنا الخيِّر ، عثمان بن مظعون).
|