. صور من حياة الصحابة |
||
البراء بن مالك البراء بن مالك أخو أنس بن مالك ، خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، ولقد تنبأ له الرسول الكريم بأنه مستجاب الدعوة ، فليس عليه الا أن يدعو وألا يعجل وكان شعاره دوما ( الله و الجنة ) لذا كان يقاتل المشركين ليس من أجل النصر وانما من أجل الشهادة ، أتى بعض اخوانه يعودونه في مرضه فقرأ وجوههم ثم قال : ( لعلكم ترهبون أن أموت على فراشي ، لا والله لن يحرمني ربي الشهادة). يوم اليمامة
كان البراء -رضي الله عنه- بطلا مقداما ، لم يتخلف يوما عن غزوة أو
مشهد ، وقد كان عمر بن الخطاب يوصي ألا يكون البراء قائدا أبدا ، لأن
اقدامه وبحثه على الشهادة يجعل قيادته لغيره من المقاتلين مخاطرة كبيرة
، وفي يوم اليمامة تجلت بطولته تحت امرة خالد بن الوليد ، فما أن أعطى
القائد الأمر بالزحف ، حتى انطلق البراء والمسلمون يقاتلون جيش مسيلمة
الذي ما كان بالجيش الضعيف ، بل من أقوى الجيوش وأخطرها ، وعندما سرى
في صفوف المسلمين شيء من الجزع ، نادى القائد ( خالد ) البراء صاحب
الصوت الجميل العالي :( تكلم يا براء
)
فصاح البراء بكلمات قوية عالية :( يا أهل المدينة ، لا مدينة لكم اليوم
، انما هو الله ، والجنة). في حروب العراق وفي احدى الحروب في العراق لجأ الفرس الى كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل محماة بالنار يلقونها من حصونهم ، فتخطف من تناله من المسلمين الذين لا يستطيعون منها فكاكا وسقط أحد هذه الكلاليب فجأة فتعلق به أنس بن مالك ، ولم يستطع أنس أن يمس السلسلة ليخلص نفسه ، اذ كانت تتوهج نارا ، وأبصر البراء المشهد ، فأسرع نحو أخيه الذي تصعد به السلسلة على سطح جدار الحصن ، وقبض البراء على السلسلة بيديه وراح يعالجها في بأس شديد حتى قطعها ، ونجا أنس -رضي الله عنه- وألقى البراء ومن معه نظرة على كفيه فلم يجدوهما مكانهما ، لقد ذهب كل مافيها من لحم ، وبقى هيكلها العظمي مسمرا محترقا وقضى البطل فترة علاج بطيء حتى برىء. موقعة تستر والشهادة احتشد أهل الأهواز والفرس في جيش كثيف ليناجزوا المسلمين ، وكتب أمير المؤمنين عمر الى سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهما- بالكوفة ليرسل الى الأهواز جيشا ، وكتب الى أبي موسى الأشعري بالبصرة ليرسل الى الأهواز جيشا على أن يجعل أمير الجند سهيل بن عدي وليكون معه البراء بن مالك ، والتقى الجيشان ليواجهوا جيش الأهواز والفرس وبدأت المعركة بالمبارزة ، فصرع البراء وحده مائة مبارز من الفرس ، ثم التحمت الجيوش وراح القتلى يتساقطون من الطرفين ، واقترب بعض الصحابة من البراء ونادوه قائلين :( أتذكر يا براء قول الرسول عنك :" رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك " يا براء اقسم على ربك ، ليهزمهم وينصرنا ) ورفع البراء ذراعيه الى السماء ضارعا داعيا :( اللهم امنحنا أكتافهم ، اللهم اهزمهم ، وانصرنا عليهم وألحقني اليوم بنبيك ) وألقى على أخيه أنس الذي كان يقاتل قريبا منه نظرة كأنه يودعه ، واستبسل المسلمون استبسالا كبيرا ، وكتب لهم النصر ووسط شهداء المعركة كان هناك البراء تعلو وجهه ابتسامة كضوء الفجر ، وتقبض يمناه على حثية من تراب مضمخة بدمه الطهور ، وسيفه ممدا الى جواره قويا غير مثلوم ، وأنهى مع اخوانه الشهداء رحلة عمر جليل وعظيم.
|