. صور من حياة الصحابة |
||
جعفر بن أبي طالب
أقبل الى الرسول -صلى الله عليه وسلم-مسلما آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين وأسلمـت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميـس ، وحملا نصيبهما من الأذى والاضطهاد في شجاعة وغبطة فلما أذن الرسـول -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين بالهجرة الى الحبشـة خرج جعفر وزوجـه حيث لبثا بها سنين عدة ، رزقـا خلالها بأولادهما الثلاثة. جعفر في الحبشة
ولما رأت قريش أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمنوا
واطمأنوا بأرض الحبشة ، قرروا أن يبعثوا عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن
العاص محملين بالهدايا للنجاشي وأعوانه
كي يخرج المسلمين من دياره وحط الرسولان
رحالهما بالحبشة ، ودفعوا لكل من أعوانه
بهديته وقالوا له ما يريدون من كيد بالمسلمين ، ثم قدما الى النجاشي
هداياه وطلبا الأذن برؤياه وقالا له :( أيها الملك ، انه قد ضوى الى
بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك
وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا اليك
فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشيرتهم لتردهم اليهم ، فهم أعلى
بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه
) فأرسل النجاشي صاحب الايمان العميق والسيرة العادلة الى
المسلمين وسألهم :( ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا
به في ديني ولا في دين أحد من الملل).
العودة من الحبشة قدم جعفر بن أبي طالب وأصحابه على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح خيبر ، حملهم النجاشي في سفينتين ، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين عينيه والتزمه وقال :( ما أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر ، أم بقدوم جعفر !) وامتلأت نفس جعفر روعة بما سمع من أنباء اخوانه المسلمين الذين خاضوا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزوة بدر وأحد وغيرهما. الشهادة وفي غزوة مؤتة في جمادي الأول سنة ثمان كان لجعفر -رضي الله عنه- موعدا مع الشهادة ، فقد استشهد زيد بن حارثة -رضي الله عنه- وأخذ جعفر الراية بيمينه وقاتل بها حتى اذا ألحمه القتال رمى بنفسه عن فرسه وعقرها ثم قاتل الروم حتى قتل وهو يقول :يا حبذا الجنة واقترابها ___ طيبة وباردا شرابها والروم روم قد دنا عذابها ___ كافرة بعيدة أنسابها علي اذ لاقيتها ضرابها أن جعفر -رضي الله عنه- أخذ الراية بيمينه فقطعت ، فأخذها بشماله فقطعت ، فاحتضنها بعضديه حتى قتل ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء وذهب المساكين جميعا يبكون أباهم ، فقد كان جعفر -رضي الله عنه- ( أبا المساكين ) يقول أبو هريرة :( كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ).
|