الصفحة الرئيسية |
|
الأحد 1 رمضان 1435هـ، 29 يونيو 2014م |
|
امرأتان خطَف الذئبُ ابنَ إحداهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ:« كَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا ، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا . فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا:«إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ»، وَقَالَت الْأُخْرَى:«إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ ». فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ ؛ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى . فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ فَأَخْبَرَتَاهُ ، فَقَالَ :«ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا » ؛ فَقَالَتْ الصُّغْرَى:« لا تَفْعَلْ، يَرْحَمُكَ الله ، هُوَ ابْنُهَا » ؛ فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى »(رواه البخاري ومسلم) .
تعليق إِنَّ دَاوُدَ ؛قَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى لِسَبَب اِقْتَضَى بِهِ عِنْده تَرْجِيح قَوْلهَا ، إِذْ لا بَيِّنَة لِوَاحِدَة مِنْهُمَا ، فَيُحْتَمَل أَنْ يُقَال : إِنَّ الْوَلَد الْبَاقِي كَانَ فِي يَد الْكُبْرَى وَعَجَزَتْ الأُخْرَى عَنْ إِقَامَة الْبَيِّنَة . وَاحْتَالَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ إ بِحِيلَة لَطِيفَة أَظْهَرَتْ مَا فِي نَفْس الأَمْر ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا لَمَّا أَخْبَرَتَا سُلَيْمَان بِالْقِصَّةِ فَدَعَا بِالسِّكِّينِ لِيَشُقّهُ بَيْنهمَا ، وَلَمْ يَعْزِم عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَاطِن ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اِسْتِكْشَاف الأَمْر. فَحَصَلَ مَقْصُودُهُ لِذَلِكَ ؛ لِجَزَعِ الصُّغْرَى الدَّالّ عَلَى عَظِيم الشَّفَقَة ، وَلَمْ يَلْتَفِت إِلَى إِقْرَارهَا بِقَوْلِهَا هُوَ اِبْن الْكُبْرَى ؛ لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا آثَرَتْ حَيَاته ، فَظَهَرَ لَهُ مِنْ قَرِينَةِ شَفَقَةِ الصُّغْرَى وَعَدَمِهَا فِي الْكُبْرَى ـ مَعَ مَا انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ الْقَرِينَة الدَّالَّة عَلَى صِدْقهَا ـ مَا هَجَمَ بِهِ عَلَى الْـحُكْم لِلصُّغْرَى .
من عبر القصة: 1- أَنَّ الْفِطْنَة وَالْفَهْم مَوْهِبَة مِنْ الله لا تَتَعَلَّق بِكِبَرِ سِنّ وَلا صِغَره . 2- أَنَّ الْـحَقّ فِي جِهَة وَاحِدَة . 3- أَنَّ الأَنْبِيَاء يَسُوغ لَهـُمْ الْـحُكْم بِالاجْتِهَادِ وَإِنْ كَانَ وُجُود النَّصّ مُمْكِنًا لَدَيْهِمْ بِالْوَحْيِ، لَكِنّ فِي ذَلِكَ زِيَادَة فِي أُجُورهمْ ، وَلِعِصْمَتِهِمْ مِنْ الْخَطَأ فِي ذَلِكَ ؛ إِذْ لا يُقَرُّونَ عَلَى الْبَاطِل ؛ لِعِصْمَتِهِمْ. 4- اِسْتِعْمَال الْحِيَل فِي الأَحْكَام لاسْتِخْرَاجِ الْـحُقُوق ، وَلا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلا بِمَزِيدِ الْفِطْنَة وَمُمَارَسَة الأَحْوَال .
|