فتح شقحب

 سنة 702 هجرية



وصل التتر إلى حمص وبعلبك وعاثوا في تلك الأراضي فسادا وقلق الناس قلقا عظيما وخافوا خوفا شديدا وقال الناس لا طاقة لجيش الشام مع المصريين بلقاء التتار لكثرتهم وتحدث الناس بالأراجيف ونودي بالبلد أن لا يرحل أحد منه فسكن الناس وجلس القضاة بالجامع وحلفوا جماعة من الفقهاء والعامة على القتال وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية يحلف للأمراء والناس إنكم في هذه الكرة منصورون على التتار فيقول له الأمراء قل إن شاء الله فيقول إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا وكان يتأول في ذلك أشياء من كتاب الله منها قوله تعالى{ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }. , فاطمأن الناس وسكنت قلوبهم وأثبت الشهرَ( رمضان) ليلة الجمعة القاضي تقي الدين الحنبلي, فعلقت القناديل وصليت التراويح واستبشر الناس بشهر رمضان وبركته وأصبح الناس يوم الجمعة في همّ شديد وخوف أكيد لأنهم لا يعلمون ما الخبر , واشتعلت الأراجيف بين الناس . وأصبح الناس يوم السبت على ما كانوا عليه من الخوف وضيق الأمر فرأوا من المآذن سوادا وغبرة من ناحية العسكر والعدو, فغلب على الظنون أن الوقعة في هذا اليوم فابتهلوا إلى الله عز وجل بالدعاء في المساجد والبلد , وأصبح الناس يوم الأحد يتحدثون بكسر التتر ؛ ولكن الناس لما عندهم من شدة الخوف, وكثرة التتر لا يصدقون, فلما كان بعد الظهر قرئ كتاب السلطان إلى متولي القلعة يخبر فيه باجتماع الجيش ظهر يوم السبت بشقحب , ثم جاءت بطاقة بعد العصر من نائب السلطان جمال الدين آقوش الأفرم إلى نائب القلعة مضمونها أن الوقعة كانت من العصر يوم السبت إلى الساعة الثانية من يوم الأحد( 2-3 رمضان), وأن السيف كان يعمل في رقاب التتر ليلا ونهارا وأنهم هربوا وفروا واعتصموا بالجبال والتلال وأنه لم يسلم منهم إلا القليل فأمسى الناس وقد استقرت خواطرهم وتباشروا لهذا الفتح العظيم والنصر المبارك ودقت البشائر بالقلعة من أول النهار .