" أنا مشغول" كلمة
نسمعها كثيراً في واقعنا، وتتردد هذه الجملة لدى فئات من الناس، وخاصة
عند سماع التحفيز لعمل صالح؛
مثال: قراءة القرآن الكريم.
فلا تتعجب إذا سمعت بعض الناس عندما يقول: " أريد قراءة القرآن "،
ولكني مشغول " أريد صيام النوافل "، و" قيام الليل "، و" أداء العمرة
"، و" حضور مجالس الذكر "، وغير ذلك من صالح الأعمال، ولكن صاحبنا لا
يحفظ إلا " أنا مشغول " لكي يقنع نفسه بسبب تركه لهذا العمل الصالح.
والسؤال هنا: هل هو مشغول فعلاً أم يا ترى أنه من المحرومين؟!.
إن الحياة مليئة بالأعمال والهموم بلا ريب، ولا يكاد الواحد منا ينتهي
من عمل إلا ويجد عملاً آخر يناديه " هلم إلي ".
ولكن ألا نجيد ترتيب حياتنا وضبط الأولويات في أعمالنا لكي نجمع بين
العمل للدنيا وبين العمل للآخرة.
إنه لا يصح أن نكدح لعمل الدنيا ونحتج بقوله - تعالى -: (وَلا تَنسَ
نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) [القصص: 77]، وننسى أن نضع في جداولنا
أعمالاً صالحة غير الفرائض لتكون زاداً لنا في قبورنا ويوم حشرنا
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة: 197].
إنني أجزم أن المرء مهما كان مشغولاً فإنه يستطيع إدارة وقته وتعبئته
بصالح الأعمال، ولن يتحقق ذلك إلا إذا أيقنا بأن حاجتنا للعمل الصالح
أعظم من العمل للدنيا؛ لأن:
- العمل الصالح سبب للطمأنينة.
- ورفعة في الدرجات.
- وسبب للتوفيق الدائم: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجًا) [الطلاق: 2].
- والعمل الصالح سبب لحسن الخاتمة.
- وهو طريق إلى رضوان الله.
- وموصل إلى الجنة: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا
بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الزخرف: 72].
وفوائد العمل الصالح كثيرة جداً، فكيف
يليق بالمؤمن أن يكون العمل الصالح هو هدفه الأخير، ومبتغاه المتأخر؟!.
وإن حديثنا عن العمل الصالح لا يعني أن نلغي مشاريعنا الدنيوية أو نفرط
في عملنا الوظيفي.
ولكن هي دعوة إلى إيجاد توازن بين العمل الدنيوي وبين العمل الشرعي،
ولكي ننجو من " الحرمان " من الأجور بدعوى " أنا مشغول ".
|