.

كيف نستعد لقدوم شهر رمضان؟!

 

كيف نستعد لقدوم شهر رمضان؟

كيف نستعد لرمضان؟ وما هي أفضل الأعمال لهذا الشهر الكريم؟

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،

أولاً: لقد انحرف فهم كثير من الناس عن حقيقة الصيام، فراحوا يجعلونه موسماً للأطعمة والأشربة والحلويات والسهرات و"الفضائحيات"، واستعدوا لذلك قبل شهر رمضان بفترة طويلة؛ خشية من فوات بعض الأطعمة؛ أو خشية من غلاء سعرها، فاستعد هؤلاء بشراء الأطعمة، وتحضير الأشربة، والبحث في دليل القنوات "الفضائحية" لمعرفة ما يُتابعون وما يتركون، وقد جهلوا ـ بحق ـ حقيقة الصيام في شهر رمضان، وسلخوا العبادة والتقوى عنه، وجعلوه لبطونهم وعيونهم!

ثانياً: وانتبه آخرون لحقيقة صيام شهر رمضان فراحوا يستعدون له من شعبان، بل بعضهم قبل ذلك، ومن أوجه الاستعداد المحمود لشهر رمضان:

1 ـ التوبة الصادقة

وهي واجبة في كل وقت، لكن بما أنه سيقدم على شهر عظيم مبارك فإن من الأحرى له أن يُسارع بالتوبة مما بينه وبين ربه من ذنوب، ومما بينه وبين الناس من حقوق؛ ليدخل عليه الشهر المبارك فينشغل بالطاعات والعبادات بسلامة صدر، وطمأنينة قلب.

قال تعالى: ((( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))) النور/ من الآية 31.

وعَنْ الأَغَرَّ بن يسار رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ" رواه مسلم. (2702)

2 ـ الدعاء

وقد ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يُبلغهم رمضان، ثم يدعونه خمسة أشهر بعدها حتى يتقبل منهم.

فيدعو المسلم ربَّه تعالى أن يُبلِّغه شهر رمضان على خير في دينه وفي بدنه، ويدعوه أن يُعينه على طاعته فيه، ويدعوه أن يتقبل منه عمله.

3 ـ الفرح بقرب بلوغ هذا الشهر العظيم

فإن بلوغ شهر رمضان من نِعَم الله العظيمة على العبد المسلم؛ لأن رمضان من مواسم الخير، الذي تُفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب النيران، وهو شهر القرآن، والغزوات الفاصلة في ديننا.

قال الله تعالى: ((( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ))) يونس/58.

4 ـ إبراء الذمة من الصيام الواجب

عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: "سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ." رواه البخاري (1849) ومسلم (1146).

قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : ويؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان أنه لا يجوز تأخير القضاء حتى يدخل رمضان آخر. "فتح الباري" ( 4 / 191).

5 ـ التزود بالعلم ليقف على أحكام الصيام، ومعرفة فضل رمضان.

6 ـ المسارعة في إنهاء الأعمال التي قد تشغل المسلم في رمضان عن العبادات.

7 ـ الجلوس مع أهل البيت من زوجة وأولاد لإخبارهم بأحكام الصيام وتشجيع الصغار على الصيام.

8 ـ إعداد بعض الكتب التي يُمكن قراءتها في البيت، أو إهداؤها لإمام المسجد ليقرأها على الناس في رمضان.

9 ـ الصيام من شهر شعبان استعداداً لصوم شهر رمضان.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَاماً مِنْهُ فِي شَعْبَانَ". رواه البخاري (1868) ومسلم (1156).

عَنْ أُسَامَة بْن زَيْدٍ قَالَ: "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: "ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ." رواه النسائي (2357) وحسَّنه الألباني في "صحيح النسائي".

وفي الحديث بيان الحكمة من صوم شعبان، وهو: أنه شهر تُرفع فيه الأعمال، وقد ذكر بعض العلماء حِكمة أخرى، وهي أن ذلك الصوم بمنزلة السنة القبلية في صلاة الفرض، فإنها تُهيئ النفس وتُنشطها لأداء الفرض، وكذا يُقال في صيام شعبان قبل رمضان.

10 ـ قراءة القرآن

قال سلمة بن كهيل: كان يُقال شهر شعبان شهر القراء.

وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.

وقال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع.

وقال أيضاً: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسقِ في شعبان فكيف يُريد أن يحصد في رمضان!؟ وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان إن كنت تريد رمضان!؟ هذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر المبارك، فما هو موقعك من هذه الأعمال والدرجات!؟

والله الموفق