.

 

متى استعبدتم الناس؟!!

 

 

نجد الصحابة رضوان الله عليهم راعوا مبدأ حماية الإسلام لأهل الذمة، والحفاظ على حقوقهم من الاعتداء عليها أو النيل منها بغير وجه حق، سواء أكان هذا الاعتداء من المسلمين أو من غيرهم.

وتجلى ذلك في صور عديدة ولا أدل على ذلك من القصة المشهورة والتي رواها أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ جاء رجل من أهل مصر فقال: يا أمير المؤمنين هذا مقام العائذ بك، قال:  وما لك؟ قال أجرى عمرو بن العاص بمصر الخيل فأقبلت فرسي، فلما رآها الناس قام محمد بن عمرو بن العاص فقال: فرسي ورب الكعبة. فلما دنا مني عرفته فقلت: فرسي ورب الكعبة، فقام إلي يضربني بالسوط ويقول: خذها وأنا ابن الأكرمين. وبلغ ذلك عمرا أباه عمرو بن العاص، فخشي أن آتيك فحبسني في السجن، فانفلت منه، وهذا حين أتيتك. قال أنس رضي الله عنه: فوالله ما زاد عمر على أن قال: اجلس. وكتب إلى عمرو: إذا جاءك كتابي هذا فأقبل وأقبل معك بابنك محمد. وقال للمصري: أقم حتى يأتيك مقدم عمرو. فدعا عمرو ابنه، فقال: أأحدثت حدثا؟ أجنيت جناية؟ قال: لا. قال: فما بال عمر يكتب فيك؟ فقدما على عمر. قال أنس رضي الله عنه: فوالله إنا عند عمر ، إذا نحن بعمرو وقد أقبل في إزار ورداء، فجعل عمر يلتفت هل يرى ابنه فإذا هو خلف أبيه. فقال عمر: أين المصري؟ قال : ها أنا ذا . قال دونك الدرة فاضرب بها ابن الأكرمين . فضربه حتى أثخنه، ونحن نشتهي أن يضربه، فلم ينزع عنه حتى أحببنا أن ننزع من كثرة ما ضربه، وعمر يقول: اضرب ابن الأكرمين.
ثم قال عمر: أجلها على صلعة عمرو، فوالله ما ضربك إلا بفضل سلطانه. فقال المصري: يا أمير المؤمنين، قد استوفيت واشتفيت، يا أمير المؤمنين قد ضربت من ضربني.
قال عمر رضي الله عنه: أما والله لو ضربته ما حلنا بينك وبينه، حتى تكون أنت الذي تدعه.
يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟
فجعل عمرو يعتذر ويقول إني لم أشعر بهذا. ثم التفت عمر إلى المصري فقال: انصرف راشدا، فإذا رابك ريب فاكتب لي.