من أمن العقوبة أساء الأدب

 

 

قرر أحد الثعابين يوما أن يتوب ويكف عن إيذاء الناس وترويعهم ،

فذهب إلى راهب يستفتيه فيما يفعل ،

فقال له الراهب : أنتحي من الأرض مكانا معزولا ،

واكتفي من الطعام النزر اليسير . ففعل الثعبان ما أُمر به ،

لكن قض مضجعة أن بعض الصبية كانوا يذهبون إليه ويرمونه بالحجارة ،

وعندما يجدون منه عدم مقاومة كانوا يزيدون في إيذائه ،

فذهب إلى الراهب يشكو إليه حاله ،

فقال له الراهب : انفث في الهواء نفثه كل أسبوع ليعلم هؤلاء

الصبية أنك تستطيع رد العدوان إذا أردت ..

فعمل بالنصيحة وابتعد عنه الصبية .. وعاش بعدها مستريحا .

------

كثير من الناس  يغرنهم الحلم ، ويغريهم الرفق والطيبة بالعدوان والإيذاء ،

وكلما زاد المرء في حلمه زاد المعتدي في عدوانه ،

وقد يخيل إليه أن عدم رد العدوان هو ضعف واستكانة وقلة حيلة .

هنا يأتي دور الثعبان ونفثته التي تخبر من غره حلم الحليم ، أن اليد التي لا تبطش قد ألجمها الأدب لا الضعف ، واللسان العف استمد عفته من حسن الخلق لا من ضعف المنطق وقلة الحيلة .

وأن مهانة المسيء هي التي منعتنا من مجاراته لا الرهبة منه أو خشيته .

إن لنفثة الثعبان في زماننا هذا قيمة

وإظهار العصا بين الحين والآخر كفيل بإعلام الجهلاء أن أصحاب الضمائر الحية ، أقويا ، أشداء ، قادرين على الحفاظ على حقوقهم وخصوصياتهم .

نعم قد نعفو عمن أخطاء فينا مرة أو أكثر ، وقد نتغاضى عن الإساءة فترة ،

لكن أن يكون هذا مطية لتضييع كرامتنا ومهابتنا ,,

فهذا ما لا يرضاه عقل أو منطق .. أو دين .

في أدب العرب

أن من أمن العقوبة أساء الأدب