.

يقولون في الإسلام..

 

الشاعر معروف الرصافي

في هذه القصيدة يذم الشاعر من يصفون الاسلام انه يجر أهله للوراء والتخلف..!!

لا تقدم بدون الإسلام 


يقـولـون فـي الإسلام ظلماً بأنه * * * يَصُـدّ ذويـه عـن طريق التقدُّم
فـإن كـان ذا حقّاً فكيف تقدّمتْ * * * أوائلُه فـي عهـدهـا المتقـدِّم
وإن كـان ذنبَ المسلم اليومَ جهلُه * * * فماذا على الإسلام من جهل مسلم
هـل العلـم في الإسلام إلاّ فريضةٌ * * * وهل أمةٌ سـادتْ بغيـر التعلُّـم
لقد أيقظ الإسـلامُ للمجد والعلا * * * بصـائرَ أقـوامٍ عـن المـجد نُوَّم
وحلّـتْ لـه الأيـام عند قيامه * * * حُباهـا وأبـدتْ منظـرَ المتبسّـم
فأشـرقَ نـورُ العلم من حجراته * * * على وجه عصر بالجهـالة مظْلِـم
ودَكَّ حصـونَ الجـاهلية بالهدى * * * وقَـوَّضَ أطنـاب الضلال المخيّم
وأنشـط بـالعلم العـزائمَ وابتنى * * * لأهليـه مجـداً ليـس بـالمتهـدِّم
وأطلـق أذهانَ الورى من قيودها * * * فطارتْ بـأفكار علـى المجد حُوَّم
وفَـكّ أسـارَ القـوم حتى تحفّزوا * * * نهوضاً إلـى العلياء من كل مَجْثَم

فخلَّـوا طـريقاَ للبـداوة مَجهَلاً * * * وسـاروا بنهـج للحضارة مُعلَم
فـدَوَّتْ بمُستَـنّ العـلا نهضَاتُهم * * * كـزعـزع ريـح أو كتيّار عَيْلَم
وعمّـا قليلٍ طبّقَ الأرض حكمُهم * * * بأسـرعَ مـن رفْع اليدَيْن إلى الفم
وقد حاكت الأفكارُ عند اصطدامها * * * تـلألُؤَ بـرْق العـارض المُتَهّـزِم
ولاحـتْ تباشيـرُ الحقائق فانجلتْ * * * بهـا عـن بني الدنيا شكوكُ التوهُم
وما ترك الإسـلامُ للمـرء ميـزةً * * * علـى مثلـه ممَّـن لآدم ينَتمـي
فليـس لمُثْـرٍ نقصُـه حـقَّ مُعدِم * * * ولا عـربيٍ بخسـه فضْـلَ أعجم
ولا فخـرَ للإنسـان إلاّ بسعيـه * * * ولا فضـلَ إلا بالتُقـى والتكـرُّم

وليس التقى في الدين مقصورةً على * * * صـلاةِ مُصـلٍّ أو على صوم صُيَّم
ولكنهـا تـرْك القبيـح وفعْل ما * * * يـؤدِّي مـن الحُسنى إلى نيل مَغْنَم
فتَقـوى الفتى مَسعاه في طلب العلا * * * ومـا خُصَّـت التقوى بترْك المحرَّم
فهل مثل هذا الأمر يالأولي النُهى * * * يكـون عـثاراً فـي طريق التقدُّم
وإنْ لم يكـنْ هـذا إلى المجد سُلَّماً * * * فـأيّ ارتقـاءٍ بعـدُ أم أيّ سلَّـم

ألا قـل لمن جاروا علينا بحكمهم * * * رُوَيداً فقـد قارفتُـم كـل مـأثمَ
فلا تنكروا شمـسَ الحقيقـة أنهـا * * * لأظهَرُ من هذا الحديـث المُرَجَّـم
عَلَوْنا وكنتم سافليـن فلـم نكنْ * * * لنُبـدي إليكـم جَفـوة المتهكّـِم
ولم نترك الحُسنى أَوانَ جـدالكم * * * وتـلك لعمري شِيمـة المتحلِّـم
فلما استـدار الدهرُ بالأمر نحوكم * * * كشفتـم لنـا عـن منظر متجَهِّم
فـلا تأمنـوا الأيـام إنَّ صُرُوفها * * * كمـا هـي إذ أودتْ بعادٍ وجُرْهُم