|
|||||||
كوني هاجر إلى من جاهدت نفسها والشيطان والهوى من أجل إرضاء الله . لن يضيعك ربك إلى من تيقنت في نصر الله لهذه الأمة مهما طـــال الأمد . لن يضيعك ربك إلى من منّ الله عليها وفتح لها عين من قلبها فأبصرت بها حقيقة الدنيا فعاشت مشتاقة إلى لقاء الله في الجنة . لن يضيعك ربك
لنقف سويا أمام هذا المشهد ونرفع شعار " لن يضيعك ربك " . هاهي السيدة هاجر تنادي على زوجها بعد أن تركهم في وادي قاحل لا زرع فيه ولا ماء . يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شئ ؟ فقالت له : ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : آالله أمرك بهـــذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا ثم رجعت ، فانطلق إبراهيم حتى إذا عند التلبية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال : " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ........... " حتى بلغ " يشكرون " تعالي لنتدبر في هذا المشهد سويا وتكون لنا معه وقفات .
فلتكوني هاجر الزوجة : الزوجة التي حيثما أخذها زوجها هي وابنها (الذي كان يتمناه في حياته وينتظره) أخذهم إلى مكة وتركهم هناك تنفيذ لأوامر ربه سارت معه طائعة ..... تأملي لوحدت ذلك لأي زوجة في الوقت الحاضر ، ماذا سيكون رد فعلها ؟ . نسمع الآن عن زوجة تهجر بيت زوجها لأسباب تافهة . تأملي معي أختي الحبيبة حديث رسول الله "صلى الله عليه وسلم " عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه أن رسول الله " "صلى الله عليه وسلم قال { الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة } .فلما لا تكوني الزوجة الطائعة التي كلما نظر إليها زوجها سرته وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله وإذا حدث أي خلاف بينك وبين زوجك ، اسمعي حديث رسول الله " صلى الله عليه وسلم " عندما قال { ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟ قلنا : بلى يا رسول الله قال : " كل ودود ولود إذا غضبت أو أسئ إليها أو غضب زوجها قالت : هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى" . و أعيريني قلبك لنتدبر الآية سويا ، { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون } . تاملى ( الزواج) آية من آيات الله مثل خلق السموات والأرض والجبال وانظري إلى كلمة " من أنفسكم " أي أنك من نفسه وهو من نفسك فلما لا تتعاملين معه من منطلق ذلك أنه جزء منك فتحبيه كما تحبي نفسك وتسعديه لأن ذلك يعود عليك بالسعادة أيضاً وانظري " وجعل بينكم مودة ورحمة " أي أن الله وحده هو الذي جعل هذه المودة عندما أطاع الزوجين الله وعاشا حياتهما من أجل إرضاء الله عنهما فانعكس ذلك عليهم بأن ربط بين قلوبهم برباط المودة والرحمة ولكن متى عندما أطاع الزوجين الله عز وجل . فكونى هاجر الزوجة وثقى ان الله لن يضيعك وقفة مع هذه الأسرة الطائعه لله تأملي معي نتاج طاعة الله . أطاع سيدنا إبراهيم " عليه السلام " ربه وأخذ أسرته إلى مكة وتركهم تنفيذ لأمر ربه فأطاعته زوجته بأن قالت : " إذن لا يضيعنا " وكان أمره ذلك أن أطاع سيدنا إسماعيل " عليه السلام " أبيه عندما أراد أن يذبحه تنفيذ لأوامر الله ولو كانت على حساب حبه لابنه بأن قال : { يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين } لما لا تكون أسرتك هذه الأسرة الطائعة لله فتنعمين بحياتك مع أسرتك .
كوني هاجر المجاهدة : تأملي معي هذا المشهد وتصوري أنك في هذا الموضع عندما نفذ الماء وعطشت هاجر وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت ذراعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحد فلم تر أحد فقالت ذلك سبع مرات . يالها من مشقة وعناء من أجل خوفها على وليدها من الموت فكم بذلك أتت من جهد من أجل هدف أنت مؤمنة به ، فكم بذلك أتت من جهد من أجل إرضاء الله " عز وجل ". أسمعك تقولين " سأفعل الطاعة وأتقرب إلى الله لما ربنا يهديني " . يقول الله " عز وجل " { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ..........} . اوقات طويلة نعيشها في السهر على فيلم أو تمثيلية ونقضي ساعات طويلة في الأسواق بحث عن الموضة . أوقات قضيناها نجهد أنفسنا من أجل الدنيا فهلا أجهدنا أنفسنا من أجل الله " عز وجل " لما لا نجهد أنفسنا في قيام الليل أو السعي مع أخت لي في قضاء حاجتها أو في الدعوة إلى الله . يا أختي الحبيبة الجنة ليست رخيصة الثمن.. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة " إنها الجنة النعيم الباقي ألا تشتاقين إليها وهي أيضا تشتاق لكل من بذل الجهد من أجلها إن النعيم لا يدرك النعيم والراحة لا تدرك بالراحة . سألوا الإمام ابن حنبل متى الراحة ؟ قال : لا راحة حتى تطأ قدماي الجنة . أختي الحبيبة لا تسوفي الهداية والتوبة وسارعي بها . يقول الله " عز وجل " { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين }. وانظري إلى ما وصلت إليه هاجر بعد هذا الجهد أن من الله عليها بالماء ( ماء زمزم ) العين تفجرت ويشرب منها الناس إلى يومنا هذا ( معين لا ينضب ) وأصبحت مكة أهله بالسكان ليس هذا فقط بل أصبح سعيها هذا هو سعي الناس الآن في الحج لنتعلم من السيدة هاجر كيف نبذل الجهد من أجل إرضاء الله " عز وجل " . وأراك الآن تقولين وما ثمرة جهادي ؟ أ قول لك : إذا جاهدت نفسك التي تأمرك بتأجيل الحجاب أو بتأخير الصلاة أو بالنظرة الحرام أو بالنوم عن صلاة الفجر أو عصيان أبوك وأمك .............. ، ستكون الثمرة كما أوضحت الآية . (الهداية من الله والثبات عن طريق الحق) عن طريق الجنة فلتكوني هاجر المجاهدة فلن يضيعك ربك .
ولتكوني هاجر الصابرة : هذه المرأة صبرت على وجودها في هذا الوادي القاحل الذي لا ماء فيه ولا زرع صبرت من أجل طاعة الله فأكرمها الله بعد ذلك بالرزق والرفقة الصالحة وأصبح هذا المكان يأتيه الناس من كل فج عميق . ويعتقد الناس أن الصبر هو أن نصبر على البلاء فقط ولكن للصبر معنى أعمق من هذا بكثير فإذا تأملنا الآيات لوجدنا الصبر في كل حياتنا فالإنسان إما في نعمة فهي ابتلاء ومحتاج الصبر عليه وإما في ابتلاء بالشر ومحتاج الصبر عليه . عن أبي يحيى صهيب بن نسان رصي الله عنه قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم"{عجبا لأمر المؤمنين إن أمره كله له خير وليس ذلك لك لأحد إلا لمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خير له وإن أصابته ضراء صبر فكان خير له} تأملي معي هذه الآيات : { رب السموات والأرض فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا }. تقول الآيات : { وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } . هناك نوعان من الصبر( الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية) فهل صبرت على الصلاة حتى تؤديها في أوقاتها وتحافظي على خشوعها ، وتقول الآيات : { وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه لا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا } .
فهل اخترت لنفسك صحبة صالحة وصبرت معها على طاعة الله ؟ . يقول الله تعالى :{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ( ) ولا يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذي حظ عظيم } فهل صبرت على إيذاء الناس ومعاملتهم السيئة لك ؟ . هل صبرت على حجاب ، فارتديت الحجاب كما يرضى الله عنك ؟ . هل صبرت عن المعصية فمنعت نفسك عن مكالمة في جوف الليل تظنين أن أحدا لن يسمعك ؟ ، وتذكري عفة السيدة مريم عندما بشرها الملك بسيدنا عيسى وهي الطاهرة العفيفة المتبتلة إلى الله الراكعة الساجدة ماذا قالت :{ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا } . كانت تتمنى الموت على أن تفعل المعصية فأين أنت منها ؟ . وهذا هو يوسف يتمنى السجن على ألا يفتن بامرأة العزيز ، يقول الله تعالى : { قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه } أما الصبر على الابتلاء ، فتأملي معي هذا الحديث : عن أبي سعيد وأبي هريره رضي الله عنهما ، عن النبي " صلى الله عليه وسلم " قال { ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها عن خطاياه } . تخيلي حتى الشوكة يشاكها العبد المؤمن فيأخذ بها أجر وتحط عنه خطيئة فاحتسبي يا أختاه واعلمي كما قال تعالى : { الم (1) احسب الناسُ ان يتركوا ان يقولوا امنّا وهم لا يُفتنون(3) ولقد فتنّا الذين من قبلهم فليعلم الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) فالابتلاء ما هو إلا اختبار من الله وتمحيص وإن النصر مع الصبر ، ويكفيك أنك تدخلين بغير حساب واعلمي أنه مهما طال الابتلاء لابد أن يأتي الفرج والنصر القريب . إن الجنة غالية يا أختاه فهلا صبرت ساعة من أجل جنة الخلد واعلمي أنه يصبرك الله على الطاعة وصبرك عن المعصية وصبرك على الابتلاء فقد بلغت منزلة السيدة هاجر الصابرة . فعندئذ اعلمي أنه: " لن يضيعك ربك " .
كوني هاجر المتيقنة بالله : تأملي معي أي يقين هذا الذي ملأ قلب هذه الزوجة الطائعة المجاهدة الصابرة حتى تقول : آلله أمرك بهذا ؟ فيرد عليها نعم فتقول إذن لا يضيعنا . تخيلي نفسك في مكانها هل ستقولين مثلها وهل ستقولين بلسانك أم بقلبك إنها لحظة اختبار للقلب الذي عرف الله فاحبه وآمن بالغيب فاشتاق إلى الجنة وعاش من أجلها . ولتقفي مع نفسك وقفة ، هل عرفت الله فأحببتيه وملأ قلبك الإيمان به حتى لو أمرك أي أمر لفعلته ولو على حساب نفسك . يقول الله " عز وجل " { والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } ما جزاءهم يا ربي { أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } أين يقينك من هؤلاء ؟ ( ميزان اليقين ) . هذا يقين سيدنا موسى " عليه السلام " عندما{ فلما تراء الجمعان قال أصحاب موسى : إنا لمدركون قال : كلا إن معي ربي سيهدين * فأوحينا إليه إن اضرب البحر بعصاك فانغلق فكان كل فرق كالطود العظيم } انظري للفظ " كلا " كانت النتيجة " فأوحينا " هذا هو ثمرة اليقين . وأنت أيضا تيقني في الله إذا ارتديت حجـــــاب شرعي إذا حافظت على صلاة الفجـر اذا وصلت الرحم " لن يضيعك ربك " وكوني مثل هؤلاء لا تخشى أحد إلا الله . { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } ماذا حدث لهم {فانقلبوا بنعمة من الله لم يمسسهم سوء ... } بل أنه يغير لك نواميس الكون كما فعل مع سيدنا إبراهيم عندما أحضر السكين وأراد أن يذبح ابنه ولأنه أطاع الله حتى ولو على حساب حبه لابنه ماذا حدث ؟ توقف عمل السكين ، يقول تعالى :{ وفديناه بذبح عظيم } وأصبح هذا الفداء إلى يومنا هذا من شعائر الحج . فكيف بك إذا أطعت الله ، تيقني أنه يغير لك حتى قلوب من حولك . * تيقني من نصر الله لهذه الأمة ولو بعد حين وتذكري يوم الأحزاب . { وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا }
ماذا قال المؤمنون الموقنون بنصر الله ؟ . { ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما } هل تشتاقين للجنة وكأنك ترينها رأي العين . يقول ابن القيم :{رأيت الجنة والنار حقيقة قيل له : كيف ؟ قال رأيتهما بعيني رسول الله " صلى الله عليه وسلم " ورؤيتي لهما بعينيه آثرعندي من رؤيتي لهما بعيني فإن البصر قد يطغي ويزيغ بخلاف بصره" صلى الله عليه وسلـــم" اعلمي يا أختي الحبيبة أن معرفة الله والإيمان به ليس بالتمني وإنما لكل شئ حقيقة فابحثي عن حقيقة إيمانك كما عرفها حارثة . عن الحارث بن مالك الأنصاري أنه مر برسول الله " صلى الله عليه وسلم " فقال له : كيف أصبحت يا حارثة ؟ قال أصبحت مؤمنا حقا قال : انظر ما تقول فإن لكل شئ حقيقة فما حقيقة إيمانك ؟ فقال : عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني أنظر إلى عرش ربي بارز فكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغون فيها فقال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " يا حارثة عرفت فالزم }. ( ثلاث مرات )
اعلمي أختاه أن من أراد الله به خيرا أنار الله له بصيرته فرأى بعين البصيرة ما لا تراه عين البصر . * فعين البصر تريك الخلوة المحرمة غيابا عن الرقيب وعن عيون البشر ولكن عين بصيرتك تريك الله عليك شهيدا ولأعمالك رقيبا . * عين بصرك تريك الدنيا هي العليا والآخرة هي السفلى ولكن عين بصيرتك تريك الدنيا ممرا لا مفرا . * عين بصرك تريك الحجاب تقيد ورجعية أما عين بصيرتك تريك الحجاب عفة وستر عن عين من لا تحلي له . وفي النهاية أختي الحبيبة لما لا تكونين هاجر المجاهدة الصابرة التي تعيش باليقين . أحيي صلتك بالله وتقربي إليه ولا تخشي أحدا إلا الله . وليكون شعارك بعد كل طاعة . " لن يضيعني ربي "
|
|||||||
|