نصيحة 19 :
تقويم عمل المرأة خارج البيت
شرائع الإسلام يكمل بعضها بعضاً ، وعندما أمر الله النساء بقوله : " وقرن
في بيوتكن " الأحزاب /33 ، جعل لهن من ينفق عليهن وجوباً كالأب والزوج .
والأصل أن المرأة لا تعمل خارج البيت إلا لحاجة ، كما رأى موسى عليه السلام
، بنتي الرجل الصالح على الماء تذودان غنمهما تنتظران ، فسألهما : " ما
خطبكما قالتا لا نسقي حتى يُصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير " القصص الآية 23 ،
فاعتذرتا حالاً عن خروجهما لسقي الغنم ، لأن الولي لا يستطيع العمل لكبر
سنه ، لذا صار الحرص على التخلص من العمل خارج البيت حالما تسنح الفرصة "
قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " القصص الآية
26 .
فبينت هذه المرأة بعبارتها رغبتها في الرجوع إلى بيتها لحماية نفسها ، من
التبذل والذي قد تتعرض له بالعمل خارج البيت .
وعندما احتاج الكفار في العصر الحديث لعمل النساء بعد الحربين العالميتين ،
لتعويض النقص الحاصل في الرجال ، وصار الوضع حرجاً من أجل إعادة إعمار ما
خربته الحرب ، وواكب ذلك المخطط اليهودي في تحرير المرأة ، والمناداة
بحقوقها بقصد إفساد المرأة ، وبالتالي إفساد المجتمع تسربت مسألة خروج
المرأة للعمل .
وعلى الرغم من أن الدوافع عندنا ليست كما هي عندهم ، والفرد المسلم يحمي
حريمه وينفق عليهن ، إلا أن حركة تحرير المرأة نشطت ، ووصل الأمر إلى
المطالبة بابتعاثها إلى الخارج ، ومن ثم المطالبة بعملها حتى لا تذهب هذه
الشهادات هدراً وهكذا ، وإلا فالمجتمعات الإسلامية ليست بحاجة لهذا الأمر
على هذا النطاق الواسع الحاصل ، ومن الأدلة على ذلك وجود رجال بغير وظائف
مع استمرار فتح مجالات العمل للنساء .
وعندما نقول : " على هذا النطاق الواسع " ، فإننا نعني ذلك لأن الحاجة إلى
عمل المرأة في بعض القطاعات كالتعليم والتمريض والتطبيب بالشروط الشرعية
حاجة قائمة ، وإنما قدمنا تلك المقدمة لأننا لاحظنا أن بعض النساء يخرجن
للعمل دون حاجة ، وأحياناً براتب زهيد جداً ، لأنها تحس أنها لا بد أن تخرج
لتعمل حتى ولو كانت غير محتاجة ، ولو في مكان غير لائق بها ، فوقعت فتن
عظيمة .
ومن الفروق الرئيسية بين المنهج الإسلامي لقضية عمل المرأة ، والنهج
العلماني أن التصور الإسلامي للقضية يعتبر أن الأصل هو " وقرن في بيوتكن "
والخروج للحاجة " أُذن لكن أن تخرجن في حوائجكن " والنهج العلماني يقوم على
أن الخروج هو الأصل في جميع الحالات .
ولأجل العدل في القول نقول : إن عمل المرأة قد يكون حاجة فعلاً ، كأن تكون
المرأة هي المعيل للأسرة بعد زوج ميت ، أو أب عاجز ، ونحو ذلك ، بل إنه في
بعض البلدان نتيجة لعدم قيام المجتمع على أسس إسلامية تضطر الزوجة إلى
العمل لتغطي مصروف البيت مع زوجها ، ولا يخطب الرجل إلا موظفة ، بل اشترط
بعضهم على زوجته في العقد أن تعمل !!
والخلاصة :
فقد يكون عمل المرأة للحاجة أو لأجل هدف إسلامي ، كالدعوة إلى الله في مجال
التعليم ، أو تسلية كما يقع لبعض من ليس لها أولاد .
وأما سلبيات عمل المرأة خارج البيت فمنها :
ما يقع كثيراً من أنواع المنكرات الشرعية ، كالاختلاط بالرجال ، والتعرف
بهم والخلوة المحرمة ، والتعطر لهم ، وإبداء الزينة للأجانب ، وقد تكون
النهاية هي الفاحشة .
عدم إعطاء الزوج حقه ، وإهمال أمر البيت ، والتقصير في حق الأولاد " وهذا
موضوعنا الأصلي " .
نقصان المعنى الحقيقي للشعور بقوامة الرجل في نفوس بعض النساء فلنتصور
امرأة تحمل شهادة مثل شهادة زوجها ، أو أعلى " وهذا ليس عيباً في ذاته " ،
وتعمل براتب قد يفوق راتب زوجها ، فهل ستشعر هذه المرأة بشكل كاف بحاجتها
إلى زوجها وتتكامل لديها طاعة الزوج ، أم أن الإحساس بالاستغناء قد يسبب
مشكلات تزلزل كيان البيت من أساسه ، إلا من أراد الله بها خيراً ، وهذه
مشكلات النفقة على الزوجة الموظفة والإنفاق على البيت لا تنتهي .
الإرهاق الجسدي والضغط النفسي والعصبي الذي لا يناسب طبيعة المرأة .
وبعد هذه العرض السريع لمصالح ومفاسد عمل المرأة نقول : لا بد من تقوى الله
، ووزن المسألة بميزان الشريعة ، ومعرفة الحالات التي يجوز فيها للمرأة أن
تخرج للعمل ، من التي لا تجوز ، وأن لا تعمينا المكاسب الدنيوية عن سلوك
سبيل الحق ، والوصية للمرأة لأجل مصلحتها ، ومصلحة البيت ، وعلى الزوج ترك
الإجراءات الانتقامية وألا يأكل مال زوجته بغير حق .
---
محمد صالح المنجد
المزيد >>
|