القائمة الرئيسية

 

الصفحة الرئيسية

ابن سبأ يشعل نار الفتنة

 

 

 

كان مقتل عثمان رضي الله عنه أول فتنة تفرق بعدها المسلمون أشياعا وأحزابا.. وكان على رأس هذه الفتنة ابن سبأ.. الذي تظاهر بالإسلام ودرس المدينة وخطط لهذا الأمر، فبدأ يطعن بخلافة عثمان.. وقال قولته الخبيثة: ( إن لكل نبي وصيا وإن علياً هو وصي النبي، ولقد وثب عثمان على أمر هذه الأمة وأخذ الحق من صاحبه)..

 

ولكن ابن سبأ لم يستطع البدء بمخططه في المدينة، لان فيها اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأ بالبصرة ثم الكوفة.. ونبينا الكريم حدد أن هذه الأرض ستكون مصدر الفتن.. وصدق المصطفى الأمين صلوات الله عليه.. ثم اتجه ابن سبأ إلى الشام ثم إلى مصر حتى وجد أنصاراً جمعهم حوله.. وقال لأتباعه: تظاهروا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتستميلوا قلوب الناس إليكم.. وابدأوا بالطعن في أمرائكم وقولوا أن عثمان أخذ الخلافة بغير حق، فانهضوا وردوا الحق إلى صاحبه..

واستجاب له حثالة من اصحاب القلوب المريضة.. وتواعدوا أن يكون اللقاء في مدينة رسول الله ، فخرجوا في موسم الحج لابسين ملابس الإحرام.. وعلم عثمان بمجيء القوم وعرف مرادهم..و أرسل لهم رجلين من بني مخزوم ليندسوا في صفوف القوم ليتأكدوا من الخطة التي خرج بها هؤلاء..فتأكد عثمان من مرادهم.. وعندما اجتمع الكل في المسجد، ارتقى عثمان المنبر وحمد الله وصلى على النبي.. وأخبر الناس بما جاء به هؤلاء القوم..

فقال الناس: اقتلهم يا أمير المؤمنين.

لكن عثمان رضي الله عنه لم يكن من عُبّاد المناصب والكراسي.. فقال: ( بل نعفو ونقبل ونبين لهم الحق إن شاء الله ).

ثم وقف يبين بكل تواضع المسائل والشبهات التي بسببها يعترض عليه هؤلاء الناس.. وكانت كلها لا أساس لها من الصحة.. وكان كلما رد عليهم أي شبهة.. يشهدهم على صحة قوله.

فقالوا: أنه في مناسك الحج أتم الصلاة في مزدلفة ولم يقصر إقتداء بسنة رسول الله..

فرد عليهم أنه أراد أن يُعلّم المسلمين الجدد من الأعراب الصلاة.. فقد خشي أن يظن حديثي الإسلام من الإعراب أن صلاتي العصر والظهر ركعتان..فأتم الصلاة..ولأنه قدِمَ بلدا فيه أهله فأتم الصلاة.. فقال: أو كذلك؟ قال الناس:اللهم نعم.

 

ثم قالوا: أكثرت الحِمَى لنفسك، أكثرت المرعى لنفسك..واستثمرت الأموال لك ولأولادك ولنفسك؟!!

فرد عليهم: إني قد وليت الخلافة وأنا أكثر العرب بعيرا وشاة.. وليس لي اليوم من الشاة والبعير إلا بعيرين لحجي.. إذا فهو رضي الله عنه أنفق المال كله.. فقال: أو كذلك؟ قال الناس: اللهم نعم.

 

فقالوا: كان القرآن كتبا فجعلته كتابا..!! – ذلك أن عثمان جمع القرآن في كتاب واحد هو مصحف الإمام-

فقال: إن القرآن واحد.. جاء من عند واحد وأنا في ذلك تابع لهؤلاء، أكذلك ؟ قالوا: نعم.

 

فقالوا: إنك استعملت الأحداث ( أي الولاة من صغار السن )!!

فرد عليهم: فلم أستعمل إلا مرضياً، وهؤلاء أهل عملهم فسلوهم عنه، وهؤلاء أهل بلده، ولقد ولي من قبلي أحدث منهم وقيل في ذلك لرسول الله أشد مما قيل لي في استعماله أسامة، أكذاك ؟ قالوا: اللهم نعم..

 

و الشبهة الخامسة: :إنك أعطيت ابن ابي السرح مما أفاء الله عليه أكثر من إخوانه!!

قال عثمان رضي الله عنه:وقالوا:إني أعطيت ابن أبي سرح ما أفاء الله عليه وإني إنما نفلته خُمس ما أفاء الله عليه من الخمس لما فتح إفريقية، فكان مائة ألف وقد أنفذ مثل ذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ومع ذلك زعم الجند أنهم يكرهون ذلك فرددته عليهم، وليس ذاك لهم، أكذاك؟ قالوا: نعم.

 

والشبهة السادسة: إنك تحب أهل بيتك وتكثر لهم في العطاء!!

فقال عثمان: إني أحب أهل بيتي وأعطيهم؛فأما حبي لهم فإنه لم يحملني على جور، بل أحمل الحقوق عليهم، وأما إعطاؤهم فإني ما أعطيهم إلا من مالي، ولا أستحل أموال المسلمين لنفسي ولا لأحد من الناس.. أكذاك؟ قالوا: نعم.

 

فلما أزال عثمان رضي الله عنه شبهاتهم لان له أكثر الناس، حتى ممن خرجوا عليه، وأبى المسلمون إلا قتلهم، ولكنه رضي الله عنه كان رحيما برعيته، صبوراً على أذية المؤذين منهم، فأبى رضي الله عنه إلا العفو عنهم، وتركهم يرتحلون غير مأخوذين ولا محاسبين على فعلتهم الشنيعة. فعادوا إلى ديارهم وتفرقوا كل إلى اتجاههه.

 

ونتابع في الحلقة القادمة الحديث عن حصار عثمان ومقتله.